الصفحـــــــة الرئيـســـــــــة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات عادل الثامري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عادل الثامري. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 23 سبتمبر 2010

تكست - العدد السادس: المقاربة الادراكية والادب - كتب د. عادل الثامري


المقاربة الادراكية والادب

*د. عادل الثامري

لقد تطورت مجموعة من المقاربات ضمن الدراسات الأدبية و علم الإدراك تتابع الاهتمامات في اللغة و الأفعال الذهنية و المهارات اللغوية و هذه المقاربات مختلفة بيد أنها جميعا تقارب ظواهر القراءة و الارتباط الخيالي و التشكيل النصي. و حتى وقت قريب جدا جذبت المسافة الفاصلة بينها اهتماما اكبر مما جذبته أكثر مسألة تلاقيها. و مع ذلك واصل عدد من المنظرين الأدبيين و النقاد إنتاج أعمال تتشكل منهجيتها و ابدالاتها عبر حوار مع حقل او اكثر ضمن علوم الادراك مثل الذكاء الاصطناعي و علم النفس الادراكي و لسانيات ما بعد جومسكي و فلسفة الذهن و علم الاعصاب و علم الاحياء التطوري. فقد قام رويفن تسور في كتابه الموسوم (نحو نظرية للشعرية الادراكية) الصادر عام 1992 بتطوير اساسيات الشعرية الادراكية التي عمل عليها منذ الثمانينيات وبرهن ناقد التحليل النفسي نورمان هولاند على فائدة علم الاعصاب في الوصول الى علم نفس اقوى مما كان سائدا منبثقا عن علم الاعصاب الادراكي و ذلك عام 1988 كما عمل مارك تيرنر على مشروع (البلاغة الادراكية) عام 1991 و قدم الين سبولسكي نظرية (اللااستقرارية الادراكية) التي تشتغل على التأويل الادبي وذلك عام 1993. هؤلاء و غيرهم من النقاد ، من ذوي الذهنيات المشابهة، استجابوا للمحددات التي وضعتها مفاهيم مابعد البنيوية للمعنى و التاويل و ذلك من خلال مساءلة النماذج الحاكمة في الساحة، اما لازاحتها او اعادة تشغيلها او اكمالها او اعادة هيكلتها اساسا



.


ان عدم الرضا بما قدمته ما بعد البنيوية من مواقف نسبية و مناهضة لـلانسانية قد دفع بهؤلاء النقاد الى بذل الجهود من اجل صياغة ما يدعى بتداخل الحقول الجديد (interdisciplinarity). لقد جمعت الان المحاولات المتناثرة لصياغة روابط بين الدراسات الادبية و علم الادراك وذلك من خلال جهود منظمة في اطار حقل جديد يعرف بأنه (النقد الادبي الادراكي).


لقد كان علماء الادراك و منذ زمن يقترضون من الدراسات الادبية ،و عادة ما يتبنون، مصطلحات من المجاز و النقد الادبي، و كانت و ما زالت الاستعارة ذات اهمية في البحث و مفهوم مركزي لاستيعاب اشتغالات الذهن ضمن الحقول الادراكية. لقد طورت اللسانيات الادراكية انموذجا لدراسة انتاج الاستعارة و فهمها يتمحور حول قابليات الذهن لصنع المعنى. اما علماء الحاسوب و فلاسفة الذهن قد استعملوا و بصورة واسعة المفاهيم الادبية لتأطير افكارهم مثل مصطلحات (الكتابات و القصص و تيار الوعي و المسودات المتعددة وماكنة جويس ). و قد قام علماء نفس الادراك ببناء مشاريع بحثية حول دراسة موضوعات مثل استجابة القارئ للقص السردي و دور المشيرات في السرد و النقل الشفاهي للاشكال الشعرية



.


قاد العمل انطلاقا من فرضيات ذات صلة كبيرة باللسانيات الادراكية الى البحث عن برهان تجريبي لشعرية الذهن حيث يرى ان المجاز التقليدى كالاستعارة و الكناية و المفارقة تعكس اشتغالات العمليات الادراكية الاساسية . لقد اصبحت قدرة الذهن على التفكير المجازي و التمثيل التخييلي من صلب اهتمام كل من علماء الإدراك و دارسي الادب.


ان انبثاق نظرية ادراكية للادب والنقد لا يتطلب العمل في موضوعات السرد و اللغة المجازية و استجابة القارئ بصورة تزامنية (سينكرونية) فقط بل لابد من اعادة قراءة تاريخ الادب و الثقافة من منظور ادراكي. لقد تقدمت النظريات المعاصرة للادب و الثقافة في ازالة الغموض عن مفاهيم لاصناف ثابتة عبر الزمن مثل الذات و الهوية و الاخلاق وقدمت كيانات منبنية ثقافيا و تاريخيا و برهنت هذه النظريات على ان الطبيعي غالبا ما يستدعي لعب دور مجازي من خلال توفير دعم مفاهيمي لاشكال معينة من الهيمنة وهو بذلك يمنح شرعية واضحة لا لبس فيها للممارسات التمييزية على اساس العرق و النوع الاجتماعي و الطبقة. حتى اصبح توثيق ومساءلة مجاز الظلم مهمة مركزية للدراسات الأدبية و الثقافية .

يعتمد انشاء الثقافة ،من قبل البشر، على مركب من اجسادهم و منظوماتهم العصبية و الحسية و هذه البنى تمتلك تاريخا لا يماثل و لا ينفصل عن الثقافة التي تنشؤها . و تحاول المقاربات المعاصرة ان تتصدى لتحدي اعادة افهمة الاهمية الثقافية للجانب الطبيعي و بجهاز مصطلحي معاصر.و هنا لم يعد ممكنا ان ينظر الى الطبيعي بوصفه معياريا وعابرا للزمن ،ذلك ان اللسانيات وعلم الاناسة و علم الاعصاب تؤشر مفهوما جديدا للطبيعة و هو مفهوم تاريخي ذو علاقة مركبة و متعددة الوجوه بالجانب الثقافي. في هذا الصدد، ظهرت دراسات تبحث و بطرق مختلفة في مقاربة مفهوم الصيرورة التاريخية المتجددة و تحاول هذه الدراسات ارخنة الذاتية الادبية من خلال مراجعات تمتد من مدرك التاريخ و تتضمن تاريخ ارتقائنا :اي الاف السنين التي تطورت خلالها عواطفنا الانسانية المميزة وكذلك تطور الدافع للفعالية الادبية بين الناس. وتنحى مثل هذه الدراسات الى مستوى الانواع و هو مستوى تحليلي كان مهملا قبل ذلك في النظرية الادبية الحديثة بالرغم ان مباحث مجاورة للنظرية الادبية قد افادت منه مثل اللسانيات و الاناسة و علم النفس و فلسفة الذهن.


و من هذ الدراسات الملهمة ما قدم في مجال دراسة الاستعارة و الترميز و اقتراح ما يسمى بالدمج المفاهيمي و هو عملية ذهنية يمكن ان نجد لها تجسيدا في الاستعارة و رغم ان هذا الامر قد بقي مهملا منذ بدأت الدراسات المجازية و لكنه كان حاضرا في تاريخ ارتقائنا. فان كان الذهن الادبي هو الذهن اليومي كما يقول مارك تيرنر فأن اسس التاريخ الادبي تمتد الي الماضي البشري السحيق و ان مصطلح الادبي ينطبق على الصيرورات اللاادراكية الاساسية التي تميز الحياة الادراكية بقدر ما تنطبق على الاشكال الشفاهية و الموروث. و يذهب بول هيرنادي الى ان مدرك التاريخ الادبي يشتمل على ” عصور ما قبل التاريخ” و ينظر في الدور الذي يلعبه السلوك الادبي في تسهيل بقاء الانسان في بيئة اجتماعية معقدة. و يقترح هيرنادي سلسلة وظائف عملية لـ(صنع العالم) التخييلي وهذه الوظائف ساعدت في توسيع الوعي البشري و كذلك تكامل المعتقدات و المشاعر و الرغبات بتفضيل القابليات العقلية الجديدة من خلال عملية من الاختيار الطبيعي تتناغم مع الابتكار الثقافي.

ان المرونة الادراكية ذات اهمية كبيرة و جوهرية لفهم الاهمية التطورية للبنى الذهنية العامة التي تجعل من التغيير الثقافي و الابتكار التاريخي الادبي حتميا. و بخلاف ما يراه تيرنر يرى الين سبولسكي ان النظرية الادبية الادراكية توفر تصحيحا لنظريات مابعد البنيوية للمعنى فهي توفر اساسا تطوريا يجد مصداقه في علم الاعصاب و للادعاءات التفكيكية بخصوص لااستقرارية المعنى.


يتوفر النقد الادبي الادراكي على مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التأويلية، و من خلال تحديد نماذج العمليات العقلية التي تؤثر على الكتاب الذين يعملون في الحقب التاريخية الماضية، يمكن للنقاد ان يجروا ما يمكن ان يسمى " مفاوضة "بين هذه النماذج التاريخية والابدالات الحديثة لعلم الاعصاب الادراكي. و هنا يمكن لبعض الفرضيات حول العمليات العقلية التي تتراوح بين التكامل المفاهيمي وتحديد الحقول ، ان ترتبط بالطرائق النصية و التاريخية للوصول الى منظورات جديدة، و من خلال وضع الابداع الفني و الفكري في سياق تاريخ البشرية و كذلك ضمن تاريخ فرد او ثقافة معينة فان قراءة معمقة للاعمال الثقافية لا يمكن ان تساعد فقط في تأويل نصوص ادبية محددة بل يمكن ايضا ان تساعد في تقديم فهم اكثر تفصيلا للقوى التي تسمح بالتغير الثقافي او تحدده. أن الثورة الادراكية قد بدأت مؤخرا في الحقول الثقافية و الادبية و بالتاكيد سنتوصل في القابل من السنوات الى انجازات في هذا المجال.


ان مثل هذه المقاربة الادراكية التي تشتغل على الحقول الثقافية والابنية الادبية تمتلك امكانية كبرى في تحقيق انجازات لامعة قد تصبح مجموعة من التصورات التي عادة ماكانت تؤخذ على انها حقائق لايمكن المساس بجوهرها .


*أكاديمي عراقي


العـودة للصفحة الرئيسة - العددالسادس

تكست - العدد السادس: تناسل الرؤى و تداخل الرموز عرض ديوان فليحة حسن - كتب ظاهر حبيب الكلابي


تناسل الرؤى وتداخل الرموز

قراءة في مجموعة قصائد أمي

*ظاهر حبيب الكلابي

للشاعرة فليحة حسن – الصادرة عن دار الينابيع – سوريا سنة2010

لابد للدارس الذي يقوم بدراسة ونقد نصوص فليحة حسن الشعرية أن يستحضر حقيقة اشتغال الشاعرة في أجناس السرد من قصة ورواية ومسرح

نظراً لما يلمسهُ الدارس من تسرب عناصر السرد الى مجمل قصائد المجموعة

من خلال الوصف والتداعي والحوار والحوار الجواني مع الذات ما شكله عامل تداخل الأجناس الذي عملت بتوظيفه الشاعرة بمهارة أظهرت عمق الرؤية لديها في اقتناص الومضة الشاعرة وتوظيف الحكاية ذات المغزى الفلسفي والشعر العمودي والأبوذية الشعبية التي وظفت جميعها لبناء هيكلية شعرية مركبة تتعدد فيها زوايا النظر لتقترب جميعها من مسك خيط الأمل المفقود الذي تبحث عنه الشاعرة –من خلال رمز الأم –مريم-الحبيب- الجنوب الموت عندما يقع، قصائد أمي مجموعة شعرية ناضجة دلالةً تأخذ من الصوفية زهدهم –وأحاسيس الشعراء عشقهم وهي قصائد تحمل مواقف فلسفية ذات رؤية متجددة وعوالم مركبة تتناسل عبر اختصار لغوي شديد وتركيز صوري حاشد وتداخل نفسي رمزي تاريخي لا يترك للترهل مجالاً للتوغل الى النص

(1)

إن الشاعرة ترصد حالات التلاشي وتقطّع أواصر اللقاء ما بينِ الأحبة في عالم الكون والفساد في عالم وحدةٍ وغربة يحمل صوتاً واحدا مهيمناً على مسرح المجموعة (قصائد أمي) ألا وهو صوت الشاعرة الراوية حيناً والمتصوفة

حينا أخر والمتأملة ونلمح كذلك هيمنة صوت الشاعرة على كل الأصوات –

صوت الأم وصوت الأخر وكأنّ السجال الشعري هو سجال مع الذات وهو

حوار جواني انفعالي متأزم عانته الشاعرة واعتصرته وجوداً لغوياً شاعراً بحيث بدت الأصوات الشعرية الأخرى –حيوات برزخية أنأت به الشاعرة بعيداً وقذفتها في مجاهيل البرزخ اللغوي وفضاء المجهول لتتمكن من إملاء رؤاها الشعرية وتمددها الذاتي واغترابها الوجودي في عالم تنتمي ولا تنتمي إليه على السواء

(2)

في مقطوعاتها القصيرة –تكوينات-

أترانا نعود إليكِ

وأنت الدليل

لصبحٍ أفل؟

ص9

وفي مقطعٍ أخر

كيف يقولون لا فرق

......

نحن هبطنا

وأنتِ صعدتِ

فأنا يكون اللقاء

ولا نحنُ/نحنُ

ولا أنتِ/أنتِ

ص10

لا تدعينا نمرّ بتجربة للفراق

قبل أن نرتوي من بحار العناق؟

ص13

الهواء عدويّ ...إذ لا تشاطرينني إياه

ص14

أساء لي القدر برحيلك أحسنتِ إليَّ بذكراكِ

ص15

لا ريب إن تُكرار محنة الفراق بين الشاعرة وبين من تحب أضاف تلاوينٍ من صور اليأس تتجدد مع تلافيف الصور التي عملت الشاعرة على نقلها من المجرد الى المحسوس

(3)

إن الصورة الشعرية في قصائد أمي للشاعرة فليحة حسن كانت على مستوى الرصد الانفعالي الذي يُديم ويَحرص على أقامة علاقة التفاعل المتناغم بين عالم الشاعرة الذاتي والوجداني وبين القضّية التي كانت عند فليحة حسن

وهي الحبل السري الذي يجمع المتناقضات ويؤلف بين المختلفات

حتى جاءت الصورة الشعرية عندها لتؤكد توظيف التشخيص والتجسيم في منجزها الشعري وإبرازه بقوة من خلال إظهار علاقة بصرية حسية بين الصورة والصوت ليتداعى لنا غلبة الإيقاع الداخلي على الإيقاع الخارجي نلمح ذلك في قولها: "لو فتحت أبواب سمائي اليوم

ودنى وهج دعائي من أذن الغيب

لقلتُ رغم الموت المربوط بكاحلها الآن

يا رب(أحفظ أمي)"

ص 15

"لخمسٍ توضأتُ باسمكِ

لليل يُحيط بنبضي

وظلم طوته إلي العيون

دربٌ يتيه إذا ما ابتعدت"

ص16

"فسلام عليها يوم زرعت

ويومَ قطفت

ويومَ تُردُ إليّ ؟ "

ص18

(4)

يظهر من خلال هذه الصورة الشعرية إن هناك علاقة بين الانفعال والصورة الحسية حيث كانت الشاعرة فليحة حسن على مستوى من الهدوء الانفعالي

من خلال منجزها الإبداعي (قصائد أمي) حيث شكلت الصورة الحسية في هذه

المجموعة ودفعت بنا الى القراءة الاسترجاعية من خلال تيار الوعي والتداعي والمسَكْ بأبرز المدركات الحسية التي يتوفر ويزخر بها النص الشعري

لنمسك بتلابيب التأويلات المتعددة من خلال آلية التداعي ....وتعدد القراءات

ما بين الانزياح السكوني والانزياح ألابتكاري وفيه إن الدلالة تتنازل عن سياقاتها السابقة الى دلالة جديدة تتسم بالاكتشافات والنشوة نتلمس قولها:

"أرضعتك عرق القضبان

فلا تفطمك صرخة أقفالها؟ "

ص46

"نظل عراة-كثوب غسيلٍ

نتنفس غربتنا ونجف"

ص30

"ما أطعمتني سماؤكم عنباً

لم تبعني قبلةً لصلاتها

تَعبت يدايّ من هز جذع نخيلكُم"

ص77

"وحتى النخيلٌ استعار من أَضلعي حسرةً"

ص70

(5)

لم تحامل فليحة حسن في جعل ذكرياتها ويومياتها واستدعاء شخوص الواقع كإطار مغلق تتقوقع داخله الشاعرة مُتشرنقة حول ذكريات جامدة أو إرهاصات ذاتية مقيدّة وإنما من خلال تجربة (قصائد أمي) نتلمس اداءاً شعرياً منفلتاً من الواقع محللاً له راصداً لا لامه وقد جعلت الشاعرة من تجربتها ذات بعد إنساني يستجيب لفكرة الحب والحنين للأرض واللام والإنسان والذكريات والجنوب وينبذ صور الحرب والموت والرماد

"حين أقول أحبك فعلاً

هذا يعني

من قصيدة شهقة

إني ما عاد بإمكاني

أن أحيا خالية منك

ص27

وانكِ ما بين القلب وبيني"

"جفِتّ أصوات الكلمات

إذ كان يراها

من قصيدة لقاء ولكن

وهي تلملم أشلاءهُ

من فوق تراب الساتر،

خيوط(البيرية)

ص55

وجلد البسطال"

(6)

إن المزاوجة بين قصيدة النثر والشعر العمودي والشعر الشعبي خاصةً الأبوذية التي اتصف بها جنوب العراق لما لها من تأثير حسي انفعالي يختصر الحالة الانفعالية ويراكمها في حشد صوري بصري دافق بالمشاعر وتعود الدلالات وكثير من الشعراء عمل على إدخال الألفاظ العامية أو قام بتفصيح بعض الشعر الشعبي من أمثال مظفر النواب ويوسف الصائغ في قوله

"صاموت

لا موت

تحكي تموت

ومن قبلهم استخدم السياب العبارات العامية في بعض قصائده (المومس العمياء) وهي علامة جيدة إذا ما جاءت منسجمة مع اللغة ومتفقة مع لهجة الشاعر المحلية وبُعده الاجتماعي وعمقه الجماهيري لكي تكون مكتنزة بواقعيتها، أما فليحة حسن في (قصائد أمي) فمرة تجعل من هذه القصائد الابوذية مثلاً مدخلاً نفسياً مهيمناً لأكتناز الرؤية بعمق المأساة،تقول :

"هي هم دورة فلك وأخر زماني أحب ونحب"

ص41

لتسترسل في إجابة وجدانية بلسان راوية أحداث الرؤية شعرياً من خلال هيمنة

صوت الشاعرة المخبر العليم متأثرة بالسرد تقول :

"وكانت تتهادى في غابات التيه

وحيدة

خالية إلا من قلب

سيدتي أَستميحك حباً؟

فأجابته:

ما آن لك أن تصلب"

*كاتب سوري


العـودة للصفحة الرئيسة - العددالسادس

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

تكست - العدد السادس: قصيدتان للشاعر مجيد الموسوي


قصيدتان

أبيض هو الليل

مجيد الموسوي

أُريد أن أمسك بعصا الشعر

وأقود خرافي في مراعي الزمان

تماماً مثلما يصنع القدّيسون

أو أولئك الذين

تتنزل الملائكة

بغتة ً

على قلوبهم !

. . . . . .

. . .

أَترى

من يرى مثلما أرى :

العالم الذي يستيقظ ُبعدَ سُبات ٍ

لينفضَ الندى عن جفنيه ِ

ويناديني

(أيها الديك البريّ

أيها الطائر الأبدي:). .

هكذا يشرع النهار بالتدّفق

وتخطف الكائنات

نبضاتها الأولى..

وغداً

أو بعد غدٍ

حين ترفع سفينة الزمن

شراعها الأبيض

أقبل حاشية الأرض ِ

من دون ندم ٍ

ومن دون

غلواء !

. . . . . .

. . . .

ودمعة إثر دمعةٍ

ثم تشرق الروح بالنحيب !

وهنالك يُسلمني – الأبيض الغامض ُ

الأبيض الدفـّاق

الأبيض ألغابي

الأبيض الشاسع

الأبيض الصقيل

ويتمدد بي إلى ما لا نهاية

مرتبكاً ومشوشاً ومترفقاً .

إلى فيافيهِ السماوية . . .

. . . . . . . . . .

. . . . .

لينبئني

بيضاء هي الورقات

وأبيض هو الليل

وكذلك أبيض

هو الكفن ! . . .

وأخيراً

يحملُ الليل بقاياي:

قميصاً دون أزرار

وزهراً يشبه ألليلك

زهراً يقطر الثلج

وزهراً يقطر الدمع

وزهراً يقطر

الخوف !

أَخيراً

يحمل النعش

إلى المثوى

بعيداً. . . . . !





من النافذة: صباحاُ



ثلة ٌ من زرازير مهاجرة

وطائر الشقرّاق

ينوح

أو يتناسلُ

بين أغصان شجرة الرمّان

. . . . . . .

. . . . .

وفي خفق أشرعة الشفق الأول

يصيرُ النهار موجة ً

يتأرجّحُ فيها

زورق !

. . . . .

. . . .

زورقك أيّها الشاعرُ المجنون

ينساب بلا دفـّةٍ

في خليج الروح

جانحاً ومغامراً

عارفاً أنَّ النهاية ـ والبداية أيضاً ـ

محض أوهام !

. . . . . . .

. . . . . .

ومن النافذة : صباحاً

وبروح الناسك الأولى

أرقب الكائنات كلها

وهي تخترق روحي : ذاهبة ً آيبة

وأنا أتقلّب على جنبيَّ

كما لو كنت ُ

أولدُ

للتو . . . !



2010

البصرة



من مخطوطة " ما لا يشبه الكلام الأول "

* شاعر عراقي





العـودة للصفحة الرئيسة - العددالسادس

تكست - العدد السادس:نزهة الجسد في ظل النهار قصيدة للشاعر واثق غازي


نزهة الجسد في ظِل النهار

* واثق غازي


في الـصـبـاح ِالبـاكـرِ جـداً

تـَفـَصـَّدَ د ِفءُ الـغـرفـةِ نـُهـرانـاً

بـيـن أعـالي شـجـرِ الـيو كـالبتوس

ونـافـذتـي .

بَـسـَمْ :

تـَلتـحِـفُ إزارَ السَّـريـر

تـُمـرِّر أنـامـلـهـا نـاحيـة العـطـرِ

العـطـر ُ

يـلهـو بأركـيلـةِ الجـأشِ

مـُدلِـفــاً خـيـالهُ فـيـمـا يـريـد .

بَـسـَم :

تـُرخـي إزارَ السـَّريـر

المُـمسِـك

مـا أَمـكـنـهُ ..

تـَفـِح ُ بوجـهـي نـأمـَتـهـا :

فـأسـتـغـفـرُ نـَظـرةَ (فـان كـوخ )

في الـركـن ِ كـليـلـة ً

تـَفـِحُ بـوجـهِ الـمـكـان .. فـيـلوذ ُ بـي

تـَفـِح ُ بـوجـهِ الزجـاج

فـتـشـي غـضـارتـهـا بـمـا يُد َوِّنُ .

مـِن تـحـتـِنـا :

الطـريـقُ تـمـاوجَ عـلى أكـتـافـِهـا مـِعـْطـَفُ الرَذاذ ْ ..

تـُوكـِئ رأسـهـا لـصـغـارِ السـيـسـبـان

نجمةٌ تـَقـضـَّت اللـيـل فـاغـرة الـفـمِ

بـَسـَمْ

تـَهـدرُ ظِـلَّـهـا فيضيء .

بـتـعـالـيـهِ ..

بـتـجـلـيـه ..

تـوقـض الأشـيـاءَ بـمشـيـئـة ِ الـنّهـدِ

بـمـا يـشـتهـي .

الشـمـسُ تـخـاتِـلُ دِثـارَ الـصـبـاح

بـَسـَمْ

تـنـفـضُ إزارَ السَّـريـر .

توقِـن ُ الـكـلمـات مـا تـرتـضـيـهِ

عـن طـيـب ِ خـاطـره ِ يـُذعـِنُ الوضـوحْ

لـذائـذ َ

تـَنـْسـَرِبُ عـَبـرَ مـسـاربَ الجـُدرانِ .

بـَسـَمْ :

تـَعـِدُّ الـشَّـايَ وتـَدَّعـي :

إنـَّهـا تـَسـبـقُ " ولاّدَةَ " بـقـبـلـتـيـن

وَتـصـِرُّ أنَ لاأحـَدَ مـِنـهـا إسـتـكـفـى

ولا أحـد آمـاط سـلـسـالا عن خـصـرِهـا

إلا أنـا .

بـَسـَمْ :

تـُشـاكـِسُ "الجـنـز َ " عـن سـِعـَةِ صـَدْره ِ

وهـي تـَشـكُ كـنـزَتـهـا الحـمـراء

دُبـوس َ مـِيــِدوزا .

بـَسـَمْ :

تلاءم قـمـصـانـي بـمـا

يـُمـازجُ سـُمـرَتـي

وإسـتـبـداد بـيـاضـِهـا

بـَسـَمْ :

تـَعـرِفُ أن الـحـصـى يـَسـتـَمـعُ

وأنَ نـُدوبَ الأرضِ

عـن هـيِّـف ٍ تـغـاويـنَ الـخُـطـى ..

فـَتـُرد ِفُ ضـاحـِكـةً

وهـل يـرى ؟! ..

تـُسـابــِقُ إرتـجـاف َ خـُصـلاتـهـا

لـتـنـزوي عـن أعـيـن ِالـنـّاسِ إلـيَّ

وتـرتـمـي قـبـل إختلاج الـبـاص بـسـُعـْلاتـهِ

بـكـامـلِ هـيـبـةِ الـوركِ الـنـحـيـفْ .

بـَسـَمْ :

تـوقـِف ُ الـنـهـارَ عـِنـد الأشـارة ِ الحـمـراءْ

لـتـبـتـديـهِ

في الـصـبـاحِ الـباكـر جـداً

جـَسـَد يـَسـيـلُ

خـَلـفَ نـافـذةٍ تـعـلو سريرا

تـزاحـمـت عـلـيــه في غـيـابـهـا

مـجـامـر ُ الـبَـخـورِ

بأيـدٍ تـُصـلي

وملائـكـةٍ تـدورْ . . .

* شاعر عراقي





العـودة للصفحة الرئيسة - العددالسادس